أيهما أسهل! أن تقنع 50 شخص أمامك بشراء قميص ما، أم إقناع شخص واحد تعرفه؟
بالتأكيد سيكون إقناع شخص واحد تعرفه وتعرف احتياجاته أسهل من إقناع 50 شخص لا تعرف عن تفضيلاتهم شيء.
في الحقيقة هذا ما نفعله عن دراسة شخصية العميل، نحول الأشخاص أولئك إلى شخصية واحدة نخاطبها كأنها شخص حقيقي نعرفه تماماً، الأمر الذي يساعدنا في صياغة الرسائل التسويقية بطريقة مخصصة لتلبي احتياجاته.
كالعادة، سأقدم لك في هذا المقال الدليل الكامل الذي تبحث عنه ليرشدك لكل ما تحتاجه لإنشاء شخصية العميل، فلنبدأ!
ما هي شخصية العميل
يمكن تعريف شخصية العميل Buyer Journey بأنها وصف تفصيلي لشخصية تمثل جمهورك المستهدف. رغم أن هذه الشخصية خيالية، إلا أنها تعتمد على بحث معمق عن جمهورك الحالي أو الجمهور المستهدف الذي تسعى للوصول إليه.
تعرف شخصية المشتري أيضاً بعدة تسميات أخرى مثل: User Persona، أو Marketing Persona، أو Audience Persona، وذلك حسب الهدف الذي لأجله يتم إنشاء شخصية العميل.
تعد دراسة شخصية العميل من أساسيات استراتيجية التسويق، إذ تستطيع من خلالها تحديد الطريقة التي ستخاطب بها جمهورك لإقناعهم بمنتجاتك حسب احتياجهم.
تكون شخصية العميل عادةً على شكل ملف تعريفي مع اسم للشخصية، ويضم تفاصيل ديموغرافية مع الاهتمامات والخصائص السلوكية، بالإضافة إلى دراسة أهداف الشخصية، والتحديات التي تواجهها، وأنماط الشراء وغير ذلك من التفاصيل التي تهم المسوقين.
لماذا ننشئ شخصية العميل إذا درسنا الجمهور المستهدف
الهدف الأساسي من دراسة شخصية العميل هو أن تتعرف إلى عملاءك عن قرب أكثر. لنفترض أنك درست جمهورك وقسمته إلى شرائح، هل يمكن أن تقول بأن جميع شرائح جمهورك التي قسمتها حسب الدخل مثلاً متشابهة من حيث السلوك أو الأهداف؟
حسناً، إذاً اتفقنا الآن أن العملاء ضمن كل شريحة في جمهورك ليست متجانسة أو متشابهة بالكامل، فهذا يعني أنك بحاجة لدراسة معمقة أكثر، ولأن عملية التعريف إلى كل عميل محتمل على حدة هي عملية معقدة ونستطيع القول بأنها مستحيلة، فإننا نلجأ لدراسة شخصيات العملاء التي يمكن أن تمثل قاعدة عملائك ككل.
ما هي أهمية شخصية العميل وما هي استخداماتها
تلعب شخصية العميل دوراً مهماً عند بناء الاستراتيجيات أو خطة التسويق والأعمال بشكل عام، إذ تستطيع من خلالها التعرف إلى عملاءك ومشاكلهم واحتياجاتهم وحتى أهدافهم، لتضمن أن منتجك هو الحل الأنسب لتلك المشاكل.
سواء كنت في مرحلة بناء المنتج أو الترويج له أو كنت تعمل حتى في قسم المبيعات أو خدمة العملاء، يمكن تقسيم استخدامات شخصية العميل إلى النقاط التالية:
- تخصيص استراتيجيات التسويق: تساعد شخصية العميل في صياغة الرسائل التسويقية لتكون موجهة لهذه الشخصية وبالتالي أكثر فاعلية ودقة في استهداف احتياجات وتحديات العملاء المحتملين. عند عملي على أحد المشاريع الطبية، كانت إحدى شخصيات العميل هي امرأة مطلقة ولديها طفلين، قد تجد الأمر غريباً، لكن هذه الشخصية كانت تعبر عن الشريحة التي لا تمتلك وقت وموارد مالية كافية للرعاية الطبية.
- تحسين تجربة العميل: يساعدك فهم أولويات العملاء في تقديم منتجات وخدمات تُلبي توقعاتهم وتضمن رضاهم، وقد ساعدتني هذه النقطة تحديداً في إعادة هيكلة منصة تعليمية بالكامل بعد أن اكتشفنا أن سبب عدم استمرار العملاء باستخدام الموقع هو تجربتهم المربكة باستخدامه وذلك بسبب تصميم الموقع بالطريقة التي وجدناها كمسوقين جيدة دون مراعاة ما يفضله العميل.
- توفير الموارد وزيادة الكفاءة: باستخدام شخصية العميل، يمكن للشركات تركيز جهودها التسويقية على القنوات والمحتوى الأكثر تأثيراً لدى جمهورها بدلاً من هدر الموارد في محاولات عشوائية.
- زيادة معدلات التحويل والمبيعات: يساعد استهداف العملاء المناسبين برسائل تسويقية مخصصة إلى تحسين فرص جذبهم وتحويلهم إلى عملاء فعليين. إن تكلمنا بلغة الأرقام، يمكننا أن نعود لدراسة حالة نشرتها شركة NetProspex تفيد بأن جهود الشركة في إنشاء شخصية العميل المستهدف ساهمت في مضاعفة عدد مرات عرض الصفحة لكل زيارة، مع زيادة بنسبة 900% في مدة زيارة الزائر للموقع، وأيضاً ارتفاع بنسبة 171% في عائد الاستثمار على التسويق ROI.
كيفية إنشاء شخصية العميل
قد تتساءل عن العناصر التي يجب تضمينها في شخصية العميل، إذ أنك ستجد اختلافات عديدة بين النماذج المتاحة، والسبب في ذلك هو أن هذه العناصر تختلف حسب الغرض منها.
مثلاً، قد تحتاج في أحد مشاريعك لمعرفة مصادر المعلومات التي يستخدمها عملاءك في الوصول لنصائح طبية، وفي مشاريع أخرى تريد معرفة أهم الأفلام التي يتابعونها لتتعرف إلى تفضيلاتهم وتتمكن من توظيفها في المحتوى.
رغم هذه الاختلافات، فإن خطوات إنشاء شخصية العميل هي ذاتها مع مراعاة إضافة التفاصيل التي تحتاجها.
سأمشي معك الآن خطوة بخطوة لإنشاء شخصية العميل، ولك بعد ذلك حرية تخصيص النموذج بالطريقة المناسبة لك:
1. حدد المعلومات الديموغرافية
أقصد بالمعلومات الديموغرافية تلك الخصائص التي تميز فئة معينة من السكان، والتي غالباً ما تكون مرتبطة بهوية كل شخص وتؤثر في تجربته وثقافته وأسلوب حياته.
بما أن العوامل الديموغرافية تشكل جزءاً مهماً من تجربة العميل، يجب تضمينها في شخصية العميل.
أمثلة على المعلومات الديموغرافية:
- العمر
- الجنس
- الموقع الجغرافي
- الحالة العائلية
- مستوى التعليم
2. ادرس الخلفية المهنية
تتضمن الخلفية المهنية جميع التفاصيل الخاصة بالعمل والوضع المهني للعميل المحتمل، مثل المنصب الوظيفي والدخل.
يمكن أن يفيد هذا القسم الشركات الموجهة للأعمال (B2B)، والتي تحتاج إلى استهداف صناع القرار داخل الشركة وبالتالي تعزيز نجاح الحملة التسويقية.
أهم المعلومات الخاصة بالخلفية المهنية:
- المسمى الوظيفي
- قطاع العمل
- نظام العمل أو التوظيف (في المكتب بدوام كامل أو عن بُعد)
- سنوات الخبرة أو الأقدمية في العمل
- الدخل
3. تعرف إلى الخصائص النفسية
يعد هذا القسم من أهم الأقسام في شخصية العميل لأنك ستتعرف بشكل مباشر إلى العوامل التي تلعب دوراً كبيراً في عملية اتخاذ القرار لدى العميل لكن بطريقة غير مباشرة، مثل سمات الشخصية والقيم والاهتمامات وآراء الجمهور المستهدف.
كما اتفقنا، تحدد الخصائص النفسية العوامل التي تؤثر على سلوك الأفراد كمستهلكين، وبالتالي يساعد فهمها في بناء علاقة عاطفية مع العملاء وزيادة معدلات التحويل.
أمثلة على الخصائص النفسية:
- القيم أو المعتقدات
- الثقافة
- أسلوب الحياة
- الآراء الاجتماعية أو غيرها
4. حدد التفضيلات ومصادر المعلومات
حان الوقت الآن لترى ما يفضله عملاؤك وذلك من خلال دراسة مصادر المعلومات التي يعتمدونها أو المنصات التي يقضي فيها العملاء وقتهم، أو حتى الشخصيات والمؤثرين الذين يثقون بهم.
تفيدك هذه المعلومات كثيراً عند إعداد خطة المحتوى أو استراتيجية التسويق عن طريق المؤثرين، بالإضافة إلى الإعلانات وحتى العلاقات العامة.
أهم المعلومات الخاصة بالتفضيلات:
- المواقع والمدونات المفضلة
- مواقع التواصل الاجتماعي المفضلة
- نوع المحتوى المفضل (مكتوب / صوتي / مرئي)
- المؤثرون والشخصيات الذين يتابعونهم أو يثقون بهم
- الفعاليات والمؤتمرات المفضلة (سواء كانت عبر الإنترنت أو بالحضور الشخصي)
5. حلل الأهداف والمشاكل ونقاط الألم
في هذا القسم سنتناول العوامل التي ترتبط مباشرةً بمنتجك أو خدمتك، وأقصد أهدافه وبالطبع نقاط الألم التي تعبر عن المشاكل أو التحديات التي يواجهها العملاء أثناء محاولتهم تحقيق أهدافهم أو تلبية احتياجاتهم.
تساعدك هذه المعلومات في تقديم حلول تلبي هذه الاحتياجات، مثلاً هل يعاني العملاء من ضيق الوقت؟ يجب أن تركز إذاً على أن منتجك سهل الاستخدام ويوفر عليهم الكثير من الوقت.
أهم المعلومات التي يجب أن تدرسها هنا:
- الأهداف التي يرغبون بتحقيقها
- نقاط الألم
- العوائق التي تواجههم أثناء استخدام منتجات مشابهة
- اعتراضاتهم على منتجك أي لماذا يمكن أن يعترضوا على منتجك
- ما هي العوامل التي تشعرهم بعدم الرضا
6. افهم عملية وآلية اتخاذ قرار الشراء
لا يتخذ جميع الأشخاص قرار الشراء بنفس الآلية، مثلاً لو كنت تستهدف المسنين بخدمات طبية فهذا يعني أن قرار الشراء يشارك به الأبناء.
هنا يجب أن تحدد كيفية اتخاذ عملاءك لقرار الشراء، وذلك من خلال فهم وجهة نظر العميل وتجربته، الأمر الذي يساعدك في تحسين فرصتك في تحويل العملاء المحتملين إلى عملاء فعليين وبناء علاقات طويلة الأمد معهم.
تشمل بيانات اتخاذ القرار:
- دور العميل في عملية اتخاذ القرار
- معدل تكرار الاستخدام أو الشراء
- المشاكل التي تواجه العميل أثناء عملية الشراء
كيف تحصل على المعلومات اللازمة لبناء شخصية العميل
صحيح أن شخصية العميل هي شخصية خيالية، إلا أن بنائها يجب أن يعتمد على معلومات وبيانات تمثل عملاءك وجمهورك المستهدف. لكن كيف ستحصل على هذه البيانات وعلى أي أساس ستختار المعلومات التي يجب أن تضيفها لكل شخصية؟
في الحقيقة، هناك مصادر عديدة يمكنك الاستعانة بها حسب مدى توافرها وفائدتها بالنسبة لمشروعك، أهمها:
- أبحاث العملاء والجمهور المستهدف: يمكنك جمع البيانات من خلال استطلاعات الرأي والاستبيانات، مجموعات النقاش، المقابلات، والملاحظات. يفيد هذا الخيار الشركات التي تمتلك قاعدة عملاء كبيرة.
- تعليقات وآراء العملاء: اطلب آراء العملاء حول تجاربهم من خلال المراجعات أو الملاحظات التي يتركونها لدى قسم خدمة العملاء، أو عند التفاعل عبر وسائل التواصل الاجتماعي. يساعدك هذا الخيار إذا كنت تمتلك على الأقل قاعدة أولية من العملاء.
- مصادر البيانات الحكومية: يمكن الوصول إلى البيانات المتاحة عن جمهورك المستهدف من خلال التقارير الحكومية، مثل مكتب الإحصاء. تُوفر هذه البيانات معلومات مهمة عن الجانب الديموغرافي، المؤشرات الاقتصادية، واتجاهات السوق.
- أبحاث في مجالك: اجمع البيانات التي تستطيع الوصول إليها من مؤسسات وجهات أعد تقارير وأبحاث سابقة عن السوق الذي تستهدفه، كما يمكن الاستعانة بأدوات تحليل المنافسين. تساعدك هذه الطريقة في توفير الوقت من خلال الوصول لمعلومات أعدتها جهات سابقاً عن جمهورك نفسه.
- وسائل التواصل الاجتماعي: تساعدك متابعة النقاشات والأسئلة على منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك، تويتر، وإنستغرام وغيرها، في الاطلاع على تفضيلات واهتمامات وآراء العملاء المحتملين الحقيقية والتي يطرحونها في منشورات أو أسئلة في المجموعات.
- أدوات التحليل المختلفة: يمكنك جمع وتحليل البيانات من مصادر متنوعة من الأدوات مثل الزيارات على المواقع الإلكترونية، التفاعل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتفاصيل حملات البريد الإلكتروني. تساعدك هذه المعلومات في الوصول إلى رؤى حول سلوك المستهلك، تفضيلاته، واهتماماته.
نموذج شخصية العميل
الآن وبعد أن تعرفت على أهمية شخصية العميل وكيفية إنشائها، حان الوقت لتنفيذ هذه الخطوات وبناء شخصية العميل الخاصة بك، ولتسهيل هذه المهمة عليك، أعددت نموذج شخصية العميل المجاني.
يمكنك تحميل نموذج شخصية العميل والتعديل عليه مباشرة ليصبح مناسباً لعملك، حمّله الآن!
أسئلة شائعة عن شخصية العميل
1- ما هي أفضل طريقة للحصول على المعلومات اللازمة لإنشاء شخصية العميل؟
يمكنك جمع المعلومات من خلال أدوات متعددة مثل الاستبيانات ومقابلات العملاء ومراجعات العملاء عبر الإنترنت وأدوات تحليل البيانات مثل Google Analytics.
2- هل يمكن استخدام شخصية العميل في أكثر من مشروع؟
نعم، يمكن استخدام شخصية العميل في أكثر من مشروع بشرط أن تكون مناسبة لجمهور كل مشروع. ومع ذلك، قد تحتاج إلى إجراء بعض التعديلات لتلائم تفاصيل واستراتيجيات المشروع الجديد.
3- ما الفرق بين دراسة الجمهور المستهدف وإنشاء شخصية العميل؟
تركّز دراسة الجمهور المستهدف على تقسيم العملاء إلى مجموعات بناءً على بيانات ديموغرافية وسلوكية عامة. أما شخصية العميل فهي عبارة عن تصوّر دقيق لشخصية فردية تمثل مجموعة معينة من الجمهور المستهدف مع التركيز على سلوكها واحتياجاتها وتحدياتها.
4- هل يتم إنشاء شخصية العميل مرة واحدة فقط؟
لا، يجب مراجعة وتحديث شخصية العميل دورياً، وخاصةً عند حدوث تغييرات في السوق أو ظهور منافسين جدد أو تغييرات في سلوك الجمهور المستهدف.