في هذا المقال سأجيب عن عدد من الأسئلة منها: كيف أحصل على عمل؟ كيف يمكن التغلب على مشكلة البطالة؟ ما هو العمل الحر أو الاقتصاد القائم على العمل الحر؟ ولماذا يعتبر العمل الحر بديلًا عن العمل التقليدي؟
يعرف الاقتصاد القائم على العمل الحر بأنه الاقتصاد الذي يميل لتوظيف العاملين لحسابهم الخاص، حيث يقومون بأعمال محددة لفترة قصيرة أو محددة مقابل أجر متفق عليه. وغالبًا ما تكون هذه الأعمال أو الخدمات مرتفعة الثمن في حال تم طلبها من شركة معينة، أو أنها تتم بمعدل تكرار ضعيف ولا تحتاج لدوام كامل.
تختلف مدة المشاريع التي يتم العمل عليها في مجال العمل الحر بين يوم واحد أو حتى بضعة ساعات، وحتى عام أو أكثر. مؤخرًا توسع مفهوم العمل الحر ليشمل الأعمال ذات معدل التكرار الأكبر، مثل مساعد افتراضي، مدير مبيعات، مراقب جودة، وغير ذلك. كما أصبحت تتم عبر الإنترنت ولا تشترط التواجد الفيزيائي في مكان العمل، مثلًا يمكن توظيف مدير مبيعات من بلد آخر.
لقد لاقى العمل الحر انتشارًا واسعًا، وتحديدًا في الدول الغربية، ولكن حتى الآن لم نقف على إحصائيات دقيقة بشأن انتشار العمل الحر حول العالم.
معظم التقارير والإحصاءات التي يتم نشرها تتعلق بالعمل الحر في الولايات المتحدة، فمثلًا كشف أحد التقارير أن هناك أكثر من 10 ملايين شخص يعملون بعمل مستقل ليحصلوا على أكثر من نصف دخلهم وذلك لعام 2016.
وكشفت إحدى الدراسات أيضًا أنه بحلول عام 2020 سيكون هناك أكثر من 40% من القوى العاملة الأمريكية عبارة عن مستقلين وموظفين مؤقتين.
في الحقيقة يعتبر العمل الحر ضرورة ملحّة في هذا الوقت، وتحديدًا بعد تردّي الأحوال الاقتصادية للبلدان العربية وسوريا بشكل خاص. وفي هذا المقال سأعرض بعض الأسباب التي أعتقد بأنها تشكّل أسبابًا جوهرية تدعو للانتقال إلى اقتصاد العمل الحر في ظل الظروف الراهنة التي لا تبّشر بأي شيء إيجابي أولًا، وتماشيًا مع التيار العالمي ثانيًا، ليس بهدف التقليد أو المحاكاة وإنما بهدف اقتناص الفرص.
1- عدم وجود فرص عمل على أرض الواقع
إن معدلات البطالة في سورية ارتفعت بشكل رهيب خلال الأعوام الماضية لتحقق أعلى مستوياتها على المستوى العالمي. بالطبع ليس هناك إحصاءات دقيقة حتى اليوم، لكن الإحصاءات التقريبية اليوم تقول بأن نسبة البطالة بعد سبع سنوات حرب وصلت إلى 53% مقارنةً مع نسبة 8% تقريبًا قبل الأزمة. وحسب البنك الدولي فإن معدلات البطالة بين الشباب وصلت إلى نسبة 74% وذلك في عام 2015.
إن عدم وجود فرص عمل يعني أن هناك ضرورة للانتقال إلى العمل الحر الذي يستهدف سوقًا أكبر من السوق المحلية. والتوجه لسوق أكبر يعني وجود فرص عمل أكبر، مع إمكانية الحصول على عائد أفضل.
2- بديل عن الشواغر التي فُقدت مع تراجع العمل المجتمعي المأجور
إن طبيعة العمل الذي تشهده، واتجاه معظم الشباب للعمل في مجال العمل المجتمعي المأجور البلاد (وهو ما أراه واضحًا في حلب باعتبارها مكان إقامتي) جعل من عملهم أمرًا مؤقتًا يرتبط فقط بمدى استمرارية الجمعيات والمنظمات بالعمل وبمدى حصولها على التمويل الذي تعتمد عليه لدفع أجور العاملين.
في الظروف الحالية وتوقف العديد من المشاريع بالإضافة إلى تقلّص نشاط عدد من الجمعيات، أصبح هناك مخاوف جديّة بشأن أعداد الشباب الذين سيخسرون عملهم نتيجة هذه التغييرات، مع العلم أن أولئك الشباب كانوا يعملون في مجالات واختصاصات لا تندرج في مجال اختصاصهم أو اهتمامهم، وهي في حد ذاتها تحتاج مختصين وهو أمر سأتحدث عنه لاحقًا في مقال آخر.
شخصيًا أرى أن الأمر ليس بهذا السوء، سوق العمل الحر هو سوق كبير للغاية، ويمكن الدخول فيه على الصعيد المحلي أو العربي أو حتى العالمي إن كنت تمتلك لغة جيدة ومهارات عالية تستطيع المنافسة بها. لا يوجد من ينافسك على عملك ويزاحمك فيه بشكل كبير، وذلك مقارنةً مع محدودية الأعمال الثابتة، كل ما عليك هو أن تبحث عن الفرص وتقدم أول خدمة لك.
3- فرصة لتعدد مصادر الدخل
العمل الحر مع العمل الثابت يعني إمكانية ادخارك لمبلغ مالي تستطيع استخدامه للاستثمار، إما في مجال عملك نفسه أي تطوير عملك الحر لمشروع ريادي على سبيل المثال، أو حتى بدء الاستثمار في مشروعك الخاص الذي كنت تنتظر من يموله لك.
ليس عليك أن تمول كامل المشروع بنفسك، لكن عليك على الأقل أن تقوم ببدء العمل واختبار السوق واختبار مدى فعالية أو كفاءة المنتج وقدرته على المنافسة، وبعد ذلك يمكنك التقدم للحصول على تمويل إضافي يسمح لك بالتوسع في مشروعك.
وعليك أن تدرك أن الأولوية في تقديم التمويل من قبل معظم المؤسسات والجهات هي للمشاريع القائمة بالفعل وليس للمشاريع التي لازالت مجرد أفكار.
إن كنت تعمل عمل حر مع عمل ثابت بنفس الوقت، ولم تستخدم عائد أحدهما لادخاره أو استثماره مباشرةً فاعلم أنك تراوح في مكانك. الاعتماد على العمل الحر بشكل دائم ليس خيارًا موفقًا دائمًا، وسأتحدث عن الموضوع بالتفصيل في مرات قادمة.
4- بديل ملائم لحالة ضعف هيكلية المؤسسات الحالية
في الحقيقة يعاني سوق العمل من عدم وجود هيكلية واضحة لمعظم المؤسسات، وبالتالي ليس هناك التزام من ناحية الحد الأدنى للأجور وغير ذلك. أما بالنسبة للشركات التي تتمتع بنظام عمل واضح فهي قليلة للغاية.
في سوريا تحديدًا -وأعتقد أن الوضع ينطبق على العديد من البلدان العربية الأخرى- تقوم تلك المؤسسات بتوظيف عدد من الأشخاص مقابل عائد مادي غير مجزي وتفرض عليهم دوام بعدد ساعات طويلة في مقرها، وفي هذه الحالة يفقد الشخص الكثير من المرونة التي تساعده في البحث عن عمل آخر بجانب عمله هذا مع عائد غير مناسب أيضًا.
في هذه الحالة سيكون العمل الحر ملائمًا لكلا الطرفين، تستطيع المؤسسات أن تقوم بتوظيف الشخص مقابل خدماته فقط، وليس مقابل الوقت الذي يمضيه ضمن مكان العمل سواء كان هناك عمل أم لا، وبالتالي سيكون العائد مجزيًا أكثر بالنسبة للموظف ويحافظ على سمعة المؤسسة باحترامها للموظف وغير ذلك.
إن فرصة كهذه ستمنح الموظف أريحية في البحث عن عمل آخر بصفته عامل مستقل، وبالتالي سيستطيع الحصول على عائد أكبر.
5- أسعار تنافسية مقارنةً مع المستقلين الآخرين حول العالم
إن الأسعار التي يطلبها العامل المستقل الذي يعمل ضمن بلدان العالم الثالث بشكل عام هي أقل بكثير من أسعار المستقل الذي يعمل في البلدان الأخرى، وبالطبع تعتبر هذه النقطة بمثابة ميزة تنافسية.
في الحقيقة هناك هاجس حقيقي لدى العديد من المستقلين في العالم من إمكانية منافسة المستقلين في العالم الثالث بسبب انخفاض أجورهم.
إن كان باستطاعة العامل المستقل أن يستخدم اللغة الإنكليزية للتواصل مع الزبائن الأجانب فهذا يعني دخوله لسوق عمل أكبر، وبالطبع ليس من الضروري أن يستمر في العمل بذلك الأجر الذي يراه المستقل الأجنبي منخفضًا، حيث يمكنه طلب زيادة بشكل مستمر، وخاصة إن أثبت جدارته وعمل بجودة عالية وبشكل منافس.
قد يهمك: كيف تقوم بتسعير خدماتك كمستقل في مجال العمل الحر؟
6- ضمان التوظيف بشكل موضوعي وفق جودة عمل المستقل وليس شخصيته
يعتمد التوظيف بشكل أساسي على المقابلة وهي أحد الأساليب غير العادلة لتوظيف شخص ما، وخاصةً إن كان العمل لا يتطلب الكثير من المهارات الاجتماعية. في الحقيقة، عند اتخاذ قرار توظيف عامل ما فإن هناك احتمال كبير لظهور الكثير من العوامل السلوكية أي العاطفية والنفسية التي تتدخل وتفرض نفسها عند اتخاذ ذلك القرار.
أما في طلبات التوظيف التي تتم عبر الإنترنت فقط (ممكن بعد اعتماد الموظف بشكل جزئي أن يتم طلب مقابلة على الواقع أو عبر الإنترنت مثل سكايب مثلًا) فإن قاعدة “دع عملك يتكلم عنك” هي التي ستحكم عملية التوظيف.
حيث سيتم مراجعة السيرة الذاتية والأعمال السابقة أو حتى طلب عينة من العمل في حال لم يكن هناك خبرة سابقة، وبالتالي ستزيد فرص الأشخاص الذين لا يمتلكون مهارات اجتماعية كافية للنجاح في المقابلة، لكنهم يملكون خبرات ومهارات مهنية كبيرة.
بالطبع هذا لا يعني أن شخصية المستقل أو مهاراته الاجتماعية لا تلعب أي دور في العمل في مجال العمل الحر، لكنها تكون موجودة بشكل مقبول لعدد أكبر من المستقلين، وتبتعد عن العوامل الذاتية والسلوكية عند التوظيف.
الله يعطيكي العافية مقال مهم ودقيق
شكرًا يا فارس
مقال حلو كتير
بس كيف فينا نبلش بالعمل الحر و كيف نلاقي فرص
شكرًا الك، المقال الثاني رح يكون عن هالموضوع، فيكي تتابعي الموقع ليوصلك كل شي جديد 🙂
“”يعتمد التوظيف بشكل أساسي على المقابلة وهي أحد الأساليب غير العادلة لتوظيف شخص ما، وخاصةً إن كان العمل لا يتطلب الكثير من المهارات الاجتماعية.
أما في طلبات التوظيف التي تتم عبر الإنترنت فقط فإن قاعدة “دع عملك يتكلم عنك” هي التي ستحكم عملية التوظيف.””
من الجيد تغطية هذه النقطة التي يهملها الكثيرون خاصة الذين يمتلكون المهارات الاجتماعية أنفسهم حيث يفترضون أن هذه المهارات أساس تحديد نجاحك المهني، متناسين أن الكثير من المبدعين وأصحاب الأعمال الرائعة ينتظرون فرصة لإظهار ما لديهم
تماماً، وبالمناسبة يمكن حتى للأشخاص الذين لا يمتلكون الكثير من المهارات الاجتماعية بتعلم بعض المهارات التي تساعدهم في طرح مهاراتهم بأسلوب مناسب أثناء المقابلة.
أنا اخترت العمل الحر لأني أم 😀 و هيك أنا مبسوطة و مرتاحة و ابني معي و ببلد صاير صعب تلاقي وظيفة نظامية بسبب الشروط الي فرضتها البلد
شكرا سارة موضوع هام
مزبوط وهي سبب إضافي كمان ممكن نضيفه 😀
شكراً لالك كمان 🙂