مقدمة إلى الاقتصاد السلوكي – النظام الثنائي (3)

مقدمة إلى الاقتصاد السلوكي – النظام الثنائي

قبل أن نتحدث عن نظرية النظام النثائي، تحدثنا في المقالين السابقين عن الاقتصاد السلوكي Behavioral Economics كمفهوم، وعن الاستدلال والتحيز الناتجين عند اتخاذ القرارات في الحياة.

وكما اتفقنا فإننا في هذه السلسلة سنتحدث عن بعض المفاهيم الهامة في الاقتصاد السلوكي، ولنستطيع فهم أسباب الاستدلال والتحيز كما فسرها لنا كانمان وتفيرسكي لا بد من الحديث عن نظرية النظام الثنائي “Dual System Theory” في الاقتصاد السلوكي.

حسب نظرية النظام الثنائي في الاقتصاد السلوكي هذه فإن دماغنا يمكن تقسيمه إلى نظامين: نظام 1 ونظام 2 (طبعاً هذا تقسيم اصطلاحي وليس فيزيولوجي).

النظام 1 هو النظام الذي يقوم بالإجابة بشكل بديهي عن الأسئلة.

في حين أن النظام 2 هو النظام المسؤول عن العمليات المعقدة أكثر.

مثلاً لو سألنا شخص ما “كيف حالك؟” سيجاوب مباشرةً بأنه “جيد” وهي الإجابة التي تقع على عاتق النظام 1، أما إذا سألنا الشخص نفسه عن ناتج 75*96 فهذه العملية تقع على عاتق النظام 2.

اقرأ أيضاً: ما هو الاقتصاد السلوكي؟

لتفسير بعض الظواهر السلوكية تم توضيح آلية عمل هذين النظامين بالإضافة لتوضيح عدة خصائص لكل منهما. ومن أهم هذه الخصائص على سبيل المثل:

النظام 2 كسول، ومن الممكن أن يدع النظام 1 يعمل دائماً دون أن يتدخل، ومن هنا تظهر الاستدلالات والتحيزات التي تحدثنا عنها في المقال السابق.

بمعنى آخر، يمكننا أن نقول بأن الأحكام التي يجب أن يكون النظام 2 مسؤولاً عنها، نرى أن النظام 1 هو الذي يتحمل مسؤوليتها ويقدم إجاباته بشكل بديهي بدون تركيز.

لتوضيح الفكرة يمكننا أن نرى هذا المثال البسيط:

لنفترض أن سعر المضرب والكرة معاً 1.10$

يزيد سعر المضرب عن سعر الكرة 1$

ما هو سعر الكرة؟

حاول أن تفكر بها أنت أيضاً..

طبعاً عندما يكون النظام 1 هو المسؤول أو الفعال، فإنه سيخبرنا بأن السعر هو 10 سنت، في حين أن الإجابة هي 5 سنت!

إحدى الخصائص الأخرى التي يتميز بها هذين النظامين، هو أن النظام 2 عندما يبدأ العمل فهو يبدأ بفعالية كبيرة تعطّل عمل النظام 1 المسؤول عن الأمور البديهية، حيث يتعامل مع جميع الأفكار والأسئلة والأحكام على أنها عمل معقد، بمعنى أنه يتعامل معها بشكل جدّي بشكل مبالغ به أحياناً.

ومن الأمثلة الظريفة جداً عن هذا الموضوع هو ما يسمى بـ The Invisible Gorilla، وهي تجربة توضح لنا استجابة النظام 2 بشكل رائع، وقد تحولت لاحقاً لكتاب من تأليف كريستوفر كابريس ودانيال سيمونز عام 2010.

في الفيديو التالي سترى فريقين يرتدون قمصان باللونين الأبيض والأسود ويقومون برمي الكرة لبعضهم، والمطلوب منك أيها المشاهد هو التدقيق لمعرفة عدد مرات رمي الكرة.

هل كشفت اللعبة؟

التجربة كانت عبارة عن فيديو لفريقين يرتدون قمصان باللونين الأبيض والأسود ويقومون برمي الكرة لبعضهم، والمطلوب من المشاهد هو التدقيق لمعرفة عدد مرات رمي الكرة.

طبعاً النظام 2 كان بأعلى تركيزه حيث تم تحفيزه وإعلامه بأنه أمام تحدي وعمل صعب وبالفعل بدأ هذا النظام بالعدّ، لكن وفي منتصف هذه التجربة ظهرت غوريلا حيث وقفت في الوسط تضرب على صدرها لعدة ثواني.

وحسب التجربة فإن جميع الأشخاص تقريباً لم ينتبهوا إلى وجودها، بل حتى استغربوا كيف من الممكن أن تقف غوريلا في وسط الساحة دون أن يلحظوا وجودها!

وهذا تحديداً ما قصدناه بتوقف النظام الأول عن العمل عندما يبدأ النظام 2 بالتركيز لأداء مهامه.

ما رأيك بالاقتصاد السلوكي حتى الآن؟ وما رأيك بهذه المقدمات البسيطة؟

أخبروني بآرائكم وتعليقاتكم، ولا تترددوا بالسؤال عن أي فكرة تتعلق بالاقتصاد السلوكي 😀

6 أفكار عن “مقدمة إلى الاقتصاد السلوكي – النظام الثنائي (3)”

  1. السلام عليكم
    انا بحاجة الى دراسات باللغة العربية ” محكمة” وتتغلق بالاقتصاد الساوكى من المنظور الغربى ومن المنظور الاسلامى والفرق بينهما وشكرا

  2. السلام علبكم هل توجد عندك الترجمة ل200تحيز المعرفي التي يعتمد عليها كثيرا من الناس في تعاملاتهم الاقتصادية حيث وجدت مقال يشمل كل هده
    wiki media التحيزات و لكن باللغة الانجليزية فأطلب منك أن تترجيه لنا حتى يستفيدمنه الجميع و السلامعليك الى فرصة أخرى ملحوظة هدا المقال موجود في

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top