يعتبر السرد القصصي Storytelling من أكثر الأساليب فعالية عند استخدامها في مجال التسويق، صناعة المحتوى أو حتى كأسلوب في العلاقات العامة.
لكن مثل أي شكل من أشكال الفن يحتاج إلى الإبداع، الممارسة والمهارة والكثير من التجارب والأخطاء التي يجب أن تتعلم منها.
لذلك سأحاول تقديم كل ما يلزمك وتحتاج لمعرفته عن السرد القصصي لتبدأ باستخدامه وتجربته.
وفي هذا المقال حاولت الإجابة عن عدد من الأسئلة مثل: لماذا نسرد القصص ونستخدمها في التسويق؟ متى تكون القصة فعالة ومتى نقول عن قصة بأنها قصة جيدة؟ ما هي مكونات القصة؟ وكيف نقوم بإنشاء قصة في التسويق؟ أو ما هي مراحل عملية السرد القصصي؟
السرد القصصي:
هو عملية الدمج بين الحقائق والمعلومات وأسلوب السرد لتقديم أي فكرة أو رسالة إلى الجمهور. قد تكون هذه القصص واقعية بالفعل، أو قد يتم تأليفها لتقديم وشرح الرسالة بشكل أفضل.
إن القصص هي الأسلوب الذي يجذب الجميع مهما كانت أعمارهم وخلفياتهم.
وعلى الرغم من أن الجميع يرغب ويستطيع سماع القصص، لكن ليس الجميع قادرين على إنشاء تلك القصص بشكل جذاب!
لكن إن أردت القيام بحملات تسويقية ناجحة أو إنشاء محتوى جذاب، فيجب عليك استخدام السرد القصصي والذي أصبح المكون الأساسي لأي نشاط تسويقي.
لماذا نسرد القصص؟
سواء ضمن العروض التقديمية، مقاطع الفيديو، يعتبر السرد القصصي هو الأسلوب الأكثر فعالية مقارنة مع التعداد النقطي أو العروض التي تعتمد على البيانات، وإليك السبب:
1- شرح وتبسيط المفاهيم والرسائل المعقدة
يمكن فهم أي فكرة من خلال تقديمها بأسلوب قصصي. حاول أن تتذكر الدروس التي استطعت فهمها من خلال الدروس التي يقدمها المعلم.
تساعد القصص في ترسيخ المفاهيم المجردة وتبسيط الرسائل المعقدة. حيث تعتمد على ربط المفاهيم المجردة الخاصة بالعمل بمفاهيم أخرى ملموسة.
على سبيل المثال شركة Apple تستخدم القصص الواقعية لتقوم بوصف منتجاتها وطريقة استخدامها وذلك كبديل عن المصطلحات التقنية التي لا يفهمها سوى شريحة صغيرة من العملاء.
2- عامل مشترك يجمع الأشخاص مع بعضهم
يشترك الجميع حول العالم بالعواطف، حيث يتفاعلون مع المواقف والمشاعر ذاتها من حزن، ألم، غضب أو فرح.
ولعل القصص هي الأسلوب الذي يجمع كل أولئك الأشخاص مهما كانت خلفياتهم وتربطهم بخيط إنساني واحد.
شركة TOMS قامت أيضاً باستخدام قصص العملاء بطريقة ساعدتها في زيادة المبيعات وبناء المجتمع الخاص بها.
3- سبب للإلهام والتحفيز
إن الطريقة التي تستخدم فيها القصص العواطف وتؤثر بها قد تكون سبباً لإلهامهم وتحفيزهم.
لذلك فإن أي علامة تجارية تستخدم السرد القصصي ستضفي طابعاً إنسانياً على منتجاتها بطريقة تساعدها في تسويقها.
شركة ModCloth مثلاً تستخدم الإلهام كطريقة للتسويق حيث تستخدم القصة الحقيقية لمؤسسها لتلهم المؤسسين وأصحاب الشركات الأخرى وتؤكد على أن منتجاتها تستحق الشراء.
متى نقول عن قصة ما بأنها جيدة؟
أن تكون القصة جيدة أم لا هو أمر نسبي يعود إلى الجمهور. لكن هناك بعض العوامل الأساسية التي يجب أن توجد بكل قصة.
فالقصة الرائعة هي قصة:
- مسلية: هي تجذب الجمهور وتجعله متحمس ومهتم لمتابعتها.
- تثقيفية: حيث تثير فضوله وتضيف إلى معلوماته.
- عالمية: تصلح لاستخدامها مع أي جمهور، وتعتمد على المواقف أو العواطف التي يمر بها معظم الأشخاص.
- منظمة: تساعد في إيصال الرسالة المطلوبة وتساعد الجمهور المتلقي على فهمها.
- لا تنسى: حيث تترك انطباعاً وأثراً لا ينسى، سواء كان إلهام، نصيحة، أو دعابة.
وحسب HubSpot Academy فإن هناك 3 مكونات أساسية تساعدك في إنشاء قصة جيدة وهي:
- الشخصيات: حيث يجب أن تحتوي على شخصية واحدة على الأقل لتربط الجمهور مع راوي القصة. يجب أن تكون الشخصية قريبة من الجمهور بحيث يضعون أنفسهم مكانها، ويستمرون بمتابعتها وتنفيذ الإجراء الذي تحثهم على القيام به.
- الصراع: ويعني وجود مشكلة أو تحدي معين تواجهه الشخصية، لتقوم تلك الشخصية بالتغلب عليها. يجب أن يكون الصراع مطابق للمشاكل التي يمر بها الجمهور، كما يجب أن يثير مشاعرهم ليجعلهم يشعرون بأنهم يمرون بالتجربة ذاتها.
- الحل: يجب أن تختم القصة بخاتمة جيدة، والخاتمة الجيدة هي التي تقدم الحل المناسب للشخصيات والصراع المطابق لتجربة الجمهور، وبالتالي ستحثه على القيام بإجراء معين CTA.
كيف نقوم بإنشاء قصة؟ (عملية السرد القصصي)
إن السرد القصصي مثل أي نوع آخر من الفنون يحتاج للممارسة والخبرة ليقدم لنا نتائج أفضل دائماً.
وهنا سأقوم بشرح عملية السرد القصصي لتساعدك في معرفة أين تبدأ، وكيف تطور رؤيتك، وكيف تتقن ممارستها مع الوقت.
1- حدد جمهورك وتعرف إليه
قبل أن تبدأ بأي خطوة يجب أن تعلم من هو جمهورك؟ من سيستمع إلى قصتك؟ وكيف يمكن أن يستجيبوا لها؟
قم ببعض أبحاث السوق، حدد الشخصيات (buyer personas) التي ستتعامل معها. فهذه الخطوة ستساعدك في التعرف أكثر إلى طبيعة الجمهور.
2- حدد رسالتك
بغض النظر عن القصة التي ستقدمها فإنها يجب أن تحتوي على رسالة ترغب بإيصالها إلى الجمهور، وهذه الرسالة هي الأساس الذي ستستند إليه القصة بأكملها.
هل تدعو لشراء منتج؟ تشرح خدمة معينة؟ تدعو لقضية معينة؟ ما هي الفائدة أو الرسالة التي ترغب بإيصالها؟
قم بتلخيص الرسالة بجملة واحدة وفي حال لم تستطيع القيام بذلك، فلا جدوى من إنشاء القصة إذاً.
3- حدد نوع القصة التي ترغب بكتابتها
لا يمكنك إنشاء جميع قصصك بنمط واحد، حيث يختلف نوع القصة حسب الجمهور والرسالة التي تقدمها إليه.
ولتستطيع تحديد النوع الأنسب يجب عليك أن تحدد الطريقة التي ترغب بأن يتفاعل بها جمهورك مع القصة.
فإذا كان هدفك مثلاً:
- التحريض على القيام بإجراء معين: فيجب أن تقدم القصة مثالاً عن إجراء مشابه كيف تم وكيف يمكن للجمهور تنفيذه، وما هي الفائدة التي سيحصلون عليها.
تجنب شرح التفاصيل التي يمكن أن تشتت انتباه الجمهور بعيداً عن الإجراء الذي تحثهم على القيام به.
- أن تخبر الآخرين عن نفسك: فيجب أن تحتوي القصة على مجموعة من الصراعات منها الذي انتهى بالفشل ومنها انتهى بالنجاح.
- التركيز على القيم: يجب أن تحتوي القصة على مواقف، شخصيات، وعواطف مألوفة للجمهور وتنطبق على حياتهم الشخصية.
- تعزيز التعاون ضمن المجتمع: يجب أن تقوم القصة بتحفيز الجمهور على مشاركة القصة مع الآخرين، لذلك يجب أن تستخدم مواقف يقول فيها الجمهور: “أنا أيضاً” أي تستطيع جذبهم.
- نقل المعرفة: يجب أن تتضمن تجربة مع خطأ واضح، بحيث يتعرف الجمهور على المشكلة ويكتشفون الحل وكيفية استخدامه.
4- استخدم دعوة إلى إجراء ما CTA (call-to-action)
إن الإجراء الذي يجب أن تحفز الجمهور على القيام به هو التطبيق الفعلي للرسالة ضمن القصة.
ويعني الفعل الذي ترغب أن يقوم به الجمهور مباشرةً بعد سماعهم أو قراءتهم لقصتك، هل ترغب بأن يتبرعوا بمبلغ مالي؟ الاشتراك في النشرة البريدية؟ شراء منتج؟ طلب خدمة أو تدريب؟
مثلاً في حال كان الإجراء الذي تسعى إليه هو تعزيز التعاون والمشاركة فيجب أن تقوم بتضمين زر للمشاركة ضمن عبارة “انقر هنا للمشاركة” على سبيل المثال.
5- اختر طريقة تقديم القصة
إن السرد القصصي هو أسلوب يمكن استخدامه ضمن أي شكل من أشكال المحتوى مثل المقالات، الفيديو، البودكاست أو غير ذلك.
ولتقوم بتحديد الطريقة التي ستقدم فيها قصتك يجب أن تحدد الوقت والمال اللازم لها ومدى ملاءمته مع ميزانيتك.
وفيما يلي أهم الطرق التي يمكن استخدامها لسرد القصة:
- القصة المكتوبة: يتم استخدامها ضمن الكتب، المقالات أو المنشورات. وهي عبارة عن نصوص يتخللها بعض الصور.
وهي الشكل الأسهل والأكثر انتشاراً للسرد القصصي لسهولة استخدامه وتنفيذه.
- القصة المحكيّة: حيث يقوم شخص ما بسرد قصته ضمن عرض أو على المسرح أو غير ذلك. وتعتبر محادثات TED هي أهم مثال.
وتحتاج إلى الكثير من التدريب والممارسة والمهارات لجذب الجمهور وكسب تعاطفهم كونها تلقائية وتتم بشكل مباشر أمام الجمهور.
- القصة الصوتية: وهي قصة محكية أيضاً لكنها مسجلة وهو ما يميزها عن النوع السابق. يتم تقديم هذه القصص على شكل بودكاست، ورغم تكلفتها المرتفعة نوعاً ما إلا أنها تحقق نجاحاً رائعاً.
- القصة الرقمية: وهي القصة التي يتم تقديمها ضمن فيديو، رسوم متحركة، قصص تفاعلية أو ألعاب.
هذه القصة هي الخيار الأكثر فعالية من ناحية التأثير ولكنها الأكثر تكلفة أيضاً.
6- اكتب
وأخيراً حان وقت كتابة القصة التي تريدها بعد أن قمت بتوضيح كل ما يلزمك من مكونات وعناصر.
بالطبع يجب أن تراعي كل الخطوات السابقة، مثل الجمهور، الرسالة، شكل القصة وطريقة تقديمها، بالإضافة إلى العناصر الإبداعية التي ستميز قصتك.
7- شارك قصتك
وهنا يجب أن تختار أفضل قناة لتقوم فيها بتقديم قصتك، يمكنك مثلاً مشاركة القصص الرقمية في YouTube أو Vimeo.
ولعل مشاركة القصة هي أهم وسيلة لجذب الجمهور وتفاعله معك قصتك ورسالتك.
الآن بعد أن عرفت ما هو السرد القصصي وكيفية استخدامه تعرّف على أنواع السرد القصصي
المصدر: Hubspot
Pingback: أكثر من 10 مقالات عن السرد القصصي في مكان واحد – مدوّنة دليلة رقاي