هل وجدت نفسك يوماً تحدق في شاشة فارغة، عاجزاً عن كتابة سطر واحد رغم محاولاتك المستمرة؟
لا تقلق، لست وحدك. جميع الكتاب، من الصحفيين إلى الروائيين، يواجهون ما يعرف بـ “قفلة الكاتب” أو Writer’s Block.
هذه العقبة تبدو مستعصية في بعض الأحيان، لكنها حلها ليس مستحيلاً.
في هذا المقال، سأشارك معك 15 طريقة أجربها في كل مرة أقع في هذا المأزق وأحاول التغلب على قفلة الكاتب التي تعيق أدائي وحتى تسليمي لمهامي في الموعد المحدد.
ما هي قفلة الكاتب Writer’s Block؟
قفلة الكاتب أو Writer’s Block وتُسمى أيضاً حبسة الكاتب أو عقدة الكاتب، وهي حالة من التوقف المفاجئ عن القدرة على الكتابة أو الإبداع، حيث يجد الكاتب نفسه غير قادر على تحويل أفكاره إلى كلمات.
قد يحدق في الصفحة الفارغة لساعات دون أن يتمكن من كتابة جملة واحدة، وتصييب هذه الحالة الكتّاب في مختلف المجالات، سواء كانوا مدونين، روائيين، أو حتى صحفيين، وغالباً ما تكون مصحوبة بشعور بالإحباط أو التوتر.
إن قفلة الكاتب لا تعني فقدان القدرة على الكتابة تماماً، لكنها تعبر عن صعوبة في الوصول إلى الأفكار أو تنظيمها، وهو ما يجعل الكتابة تبدو مهمة مستحيلة.
أشهر الأمثلة على قفلة الكاتب
مرة أخرى، أنت لست وحيداً كبار الكتاب عانوا من قفلة الكاتب لسنوات وأحياناً لعقود، وأشهر أولئك الكتاب كانوا ليو تولستوي، راي برادبوري (مؤلف رواية فهرنهايت 451)، ستيفن كينغ الذي كان يكتب أحياناً 5000 كلمة بدل 20000 كلمة كما اعتاد كل صباح.
كما أرجع جورج مارتن سبب عدم طرح فيلم Winds of Winter، الجزء السادس من سلسلة A Song of Ice and Fire، في الأسواق إلى التشتت الذي يعاني منه وليس انسداد الأفق الإبداعي.
أما أشهر حالات قفلة الكاتب الطويلة كانت لهارولد برودكي، إذ نشرت مجلة تايم مقالاً بعنوان “ثلاثون عاماً من الجمود الفكري”. أعلن برودكي عن روايته الأولى في أوائل ستينيات القرن العشرين، ثم أمضى العقود الثلاثة وهو يكافح جاهداً لإنهاء روايته، إلى الدرجة التي جعلت بعض النقاد يشعرون بالأسف لانتقادها للجهد الذي تطلبته.
أسباب قفلة الكاتب
تختلف أسباب حبسة الكاتب من شخص لآخر، فقد تكون عابرة أو تستمر لفترات طويلة إذا لم يتم التعامل معها بشكل صحيح.
فيما يلي أشهر أسباب قفلة الكاتب:
1- الخوف من الفشل
أحد أكبر الأسباب وراء قفلة الكاتب هو الخوف من عدم تقديم عمل جيد.
قد يتردد الكاتب في كتابة شيء جديد لأنه يخشى أن يكون غير مثالي أو أن يخيب توقعات القراء.
هذا الخوف يشل الإبداع ويمنع الكتابة من التدفق بحرية.
2- التوقعات العالية
غالباً ما يضع الكتّاب لأنفسهم معايير عالية تجعلهم يشعرون بأن أي شيء أقل من المثالي غير مقبول.
تضغط هذه التوقعات العالية على الكاتب وتجعله يشعر بالعجز عن تحقيق مستوى الجودة الذي يسعى إليه، مما يسبب الجمود.
3- الإرهاق العقلي
عندما يُجهد الكاتب عقله دون أن يمنحه وقتاً للراحة، يصبح من الصعب التفكير بوضوح.
يجعل الإرهاق العقلي الدماغ غير قادراً على توليد الأفكار أو تنظيمها بشكل جيد، مما يؤدي إلى شعور بالإجهاد والتوقف عن الكتابة.
4- الروتين المتكرر
الكتابة في نفس الزمان والمكان، بنفس الطريقة، قد تؤدي إلى الشعور بالملل والركود.
هذا الروتين يقتل الإلهام ويجعل الكتابة تبدو وكأنها عبء بدلاً من أن تكون عملية إبداعية ممتعة.
5- الضغوط الخارجية
تؤثر الضغوط اليومية مثل المهام العملية أو الالتزامات الاجتماعية على عقل الكاتب وتجعله أقل قدرة على التركيز على الكتابة.
قد تسبب هذه الضغوط تشتيت الذهن وتقلل من مساحة التفكير الإبداعي.
6- التشتت الرقمي
في عصر التكنولوجيا، تتسبب وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية في تشتيت الانتباه بشكل كبير.
فالانتقال بين التطبيقات أو التفاعل مع الإشعارات باستمرار يقطع سيل الأفكار ويعيق الكتابة بشكل فعال.
7- عدم وضوح الرؤية
أحياناً يكون سبب قفلة الكاتب هو عدم وجود رؤية واضحة لما يجب أن يكتب عنه.
قد يكون الكاتب غارقاً في الكثير من الأفكار المتداخلة، لكنه لا يعرف من أين يبدأ أو كيف ينظم هذه الأفكار بطريقة منطقية.
8- غياب الحافز الشخصي
في بعض الأحيان، يفقد الكاتب الدافع الذي كان يقوده للكتابة في المقام الأول.
عندما تغيب الرغبة في التعبير أو التواصل، يصبح من الصعب العثور على الشغف لإكمال العمل.
أفضل النصائح للتغلب على قفلة الكاتب
1- تحدّث مع صديق خيالي
سواء كنت تدون لمجموعة صغيرة من 10 قراء أو لجمهور كبير يصل لآلاف المتابعين، فإن التفكير في جمهورك قد يسبب لك ضغطاً كبيراً.
ما الحل؟ انسَ أمرهم للحظة.
اخترع صديقاً خيالياً، شخصاً يحب كل ما تكتبه، وإذا أردت ارسم له صورة وثبتها فوق مكتبك.
تحدث معه، اكتب له رسالة، وناقش أحلامه وتحدياته ومن ثم اكتبها.
بهذه الطريقة، ستتحرر من ضغط الجمهور وتركز على الكتابة بصدق لهذا الشخص، بدلاً من عبء كتابة مقال مثلاً.
2- اكتب بمشاعر حقيقية
اغضب، وكن عاطفياً، واكتب ما أنت متحمس لأجله!
الكتابة الجيدة لا تتعلق فقط باختيار الكلمات الصحيحة بل بكتابة ما بجعل الجمهور يشعر بشيء ما!
كن عاطفياً، اغضب، افرح، عبّر عن نفسك بحرية! الكتابة التي تلامس المشاعر هي التي تترك أثراً.
قد تحتاج لاحقاً لتحرير المسودة أو تعديل بعض العبارات، ولكن هذا التدفق العاطفي هو مفتاح تجاوز قفلة الكاتب.
3- جرب أدوات كتابة مختلفة
إن تغيير بسيط مثل استخدام Google Docs بدلاً من Microsoft Word، أو الكتابة مباشرة في WordPress مع تعديل الخط أو لونه بما يخالف ما اعتدت عليه، قد يفاجئك بقدرته على كسر الروتين وتحفيزك.
هذه التغييرات الصغيرة قد تبدو سطحية، لكنها كافية لإعادة إشعال الحماسة في الكتابة.
4- اخرج في رحلة قصيرة
اذهب برحلة قصيرة، سواءً كانت زيارة لأحد الأصدقاء أو رحلة بالحافلة أو القطار.
استخدم الوقت في الطريق لتدوين الأفكار أو أي شيء يخطر ببالك سواء كانت عبارات أو كلمات حتى لو لم تكن بصيغتها النهائية.
قد تكون هذه الأنشطة البسيطة مصدر إلهام غير متوقع.
5- اكتب لنفسك أولاً
أحياناً، يكون من الضروري أن تكتب شيئاً يرضيك أنت فقط، بغض النظر عن مدى ملاءمته لجمهور موقعك.
إن التركيز على الكتابة لنفسك قد يحررك من القيود ويعيد شغفك إلى الكتابة.
6- تخلَّ عن التخطيط
يمكن أن يجعل التخطيط من الكتابة أمراً منظماً وفعالاً، لكنه أحياناً يفقدها متعتها.
إذا شعرت بالملل أو الجمود، تخلَّ عن التخطيط وابدأ في كتابة كل ما يتبادر إلى ذهنك، حتى وإن بدا عشوائياً.
ستفاجأ أحياناً بأفكار جديدة وسط هذا التدفق الحر للأفكار.
7- ابحث عن الإلهام خارج مجالك
لا تقتصر على قراءة المدونات أو الكتب المتعلقة بمجالك، بل شاهد فيلماً عشوائياً، زر متحفاً، أو تابع قناة تلفزيونية غير مألوفة.
قد تأتي الأفكار الإبداعية من أماكن غير متوقعة، لذا احرص على تنويع مصادر إلهامك.
8- غيّر وقت الكتابة
قد تكون مواعيد الكتابة الثابتة مفيدة، لكنها أحياناً تؤدي إلى الجمود.
بدلاً من التمسك بروتين يومي صارم، جرّب الكتابة في وقت مختلف، فقد تكتشف أن تغيير التوقيت يمنحك دفعة إبداعية.
9- بدّل مكان الكتابة
أحياناً كل ما تحتاجه هو تغيير المكان.
جرب الكتابة في مقهى، حديقة عامة، أو حتى في مكان مختلف داخل منزلك.
أحياناً، تساعد الحركة الجسدية مثل المشي على تحفيز الأفكار.
10- عد للأدوات التقليدية
أغلق حاسوبك، وأمسك بقلم وورقة.
يمكن أن تكون الكتابة اليدوية حلاً بسيطاً لكنه فعّال.
جرب كتابة أفكارك بحرية دون القلق من التنسيق الرقمي، فهذه الطريقة قد تفتح لك آفاقاً جديدة.
11- تجاهل القواعد لفترة
لا تدع المثالية تعيقك.
في المسودات الأولى، لا تهتم كثيراً بالقواعد النحوية أو الأخطاء الإملائية.
اكتب بسرعة ودون توقف، ثم عد لاحقاً للمراجعة، فالأهم هنا هو تدفق الأفكار.
12- استلهم من وسائل التواصل الاجتماعي
بدلاً من أن تكون مواقع التواصل الاجتماعي مجرد مصدر للتشتت، يمكن أن تكون منجماً للأفكار.
خصص بعض الوقت لتصفح ما يتحدث عنه الناس.
تفاعل مع الآخرين واطرح أسئلة، فقد تجد فكرة جديدة تتبلور في ذهنك خلال هذه التجربة.
13- ابدأ من المنتصف
محاولة كتابة مقدمة مثالية قد تعرقلك في البداية.
إذا وجدت صعوبة في البدء، اترك المقدمة وابدأ في صلب الموضوع، فالعودة لاحقاً للمقدمة سيكون أسهل بكثير بعد أن تتقدم في الكتابة.
14- استلهم من الآخرين
إذا كنت تجد صعوبة في ابتكار فكرة جديدة، لا تتردد في استلهام الأفكار من الآخرين.
راقب ما يفعله كتّاب آخرون، واستفد من المواضيع التي يعالجونها، وأضف لمستك الخاصة.
تذكر، كل إبداع يُبنى على إبداع سابق.
15- أعد قراءة كتاباتك القديمة
أحياناً، الإلهام يكون في مكان قريب جداً: كتاباتك السابقة.
إذا كنت قد دوّنت لفترة طويلة، فمن المؤكد أن لديك منشورات تستحق إعادة النظر فيها.
أعد كتابتها، طوّرها، أضف لها رؤى جديدة.
التغلب على قفلة الكاتب ليس بالأمر السهل. هي عملية شخصية وحساسة لكل كاتب. لكن مع تجربة هذه النصائح، ستجد نفسك أقرب للتغلب عليها. تذكر، عملك الشاق سيؤتي ثماره في النهاية.