معظم الأشخاص الذين يدعون للعمل الحر يغفلون أو يتغافلون عن مساوئ العمل الحر وعيوبه، حيث يسوّقون دائمًا للمزايا، بل أحيانًا المزايا السطحية منها مثل مرونة العمل وعدم الالتزام بالمكان والزمان، في حين أن هناك الكثير من العيوب التي قد تشكل مشكلة جوهرية لدى المستقل حيث لا يمكن لأي شخص التأقلم معها.
في هذا المقال سأتحدث بقليل من التفصيل عن أهم مساوئ العمل الحر، حيث يجب أن تفكر فيها مليًا قبل أن تقرر بدء عملك كمستقل عبر الإنترنت:
1- المنافسة الكبيرة
هناك بعض مجالات العمل الحر التي تتسم بالكثير من المنافسة مثل الترجمة وإعداد المحتوى، قد لا يكون جميع المستقلين من ذوي الخبرة حيث يندفع الكثير منهم للعمل في هذا المجال لأنهم يعتقدون أنه من أسهل الأعمال حيث لن يقوموا إلا بكتابة المحتوى باللغة العربية. وبالتالي تكمن الصعوبة الكبرى هنا لدى المستقل المحترف، حيث يضطر إما لقبول سعر منخفض مقابل خدماته وهو سعر غير مجزي لشخص محترف، أو أن يحافظ على سعره ويتخصص لفئة معينة من العملاء.
2- صعوبة كسب أول عميل وتحديد سعر الخدمة
إن أهم مشكلة يمكن أن يعاني منها المستقل المبتدئ هي كيفية الحصول على أول عميل بمعنى كيف يمكن أن يحصل على الخبرة اللازمة لتؤهله للتوسع في العمل وبناء معرض أعمال ناجح. حيث يقع المستقل بحلقة مفرغة، لا يمكنه الحصول على أول عميل بدون أعمال سابقة، ولا يمكنه الحصول على أعمال سابقة لأنه لم يحصل على عملاء بعد.
لحل هذه المشكلة، قمت بإعداد مقال يصلح كدليل المبتدئين بعنوان: كيف تبدأ العمل الحر من الصفر وبدون تجربة سابقة، يمكنك الاطلاع عليه من هنا.
هناك صعوبة أخرى قد يعاني منها المستقل المبتدئ أيضًا، وهي كيفية تحديد سعر خدماته. فالخدمات التي يتم تقديمها في العمل الحر ليست مثل السلع في السوق، حيث يوجد سعر شبه موحد يسود السوق.
3- صعوبة سحب الأرباح وتحويل الأموال
تعاني الكثير من الدول العربية من مشكلة حقيقة في تحويل الأرباح، حيث لا يمكن استخدام حساب باي بال فيها، رغم أنه الوسيلة المتبعة بشكل واسع عبر العالم لتحويل الأرصدة والمبالغ المالية. وحتى في حال تم تحويل المبالغ بطرق أخرى فإن العملية ممكن أن تستغرق وقتًا أطول، الأمر الذي يؤثر سلبًا على الشخص الذي يعتمد على العمل الحر كمصدر دخل أساسي.
في مقال سابق لي ضمن سلسلة مقالات العمل الحر، قمت بتخصيص مقال عن طرق سحب الأرباح بدون حساب باي بال، حيث يمكنك الاطلاع عليه من هنا.
4- احتمال عدم دفع العملاء للمبالغ المستحقة عليهم
العمل على الإنترنت يعني التعامل مع عملاء من مختلف أنحاء العالم، وبالطبع فإنك لا تعلم جميع أولئك العملاء، وبالتالي هناك احتمال كبير لظهور حالات احتيال، أو امتناع العميل عن دفع كامل المبلغ المستحق أو امتناعه عن دفع آخر دفعة مثلًا.
في مقال سابق لي أيضًا، تحدثت عن بعض النصائح للمستقلين، وذلك ضمن مقال بعنوان: كيف تضمن دفع العميل لكامل المبلغ المتفق عليه؟ وكيف تتجنب حالات الاحتيال؟ ويمكنك الاطلاع عليه من هنا.
5- عدم الاستقرار
أحد مساوئ العمل الحر الجوهرية هي حالة عدم الاستقرار، فالمستقل غير مرتبط بعمل ثابت ويمكن بأي لحظة أن يبقى قابعًا بدون أي عمل بانتظار العميل القادم. حالة عدم الاستقرار هذه تؤثر بشكل كبير على الشخص الذي يعتمد على العمل الحر كمصدر أساسي للدخل.
6- عدم وجود عائد ثابت أو منتظم
في العمل الحر وخاصةً في البداية ستلاحظ أن هناك عدم توازن في طلبات العمل أو الخدمات. حيث سيكون هناك ضغط عمل في وقت معين وعدم وجود أي عميل في وقت آخر. وبالتالي لن يكون لديك أي دخل ثابت تستطيع الحصول عليه بشكل منتظم، الأمر الذي يؤدي إلى عدم قدرتك على الإيفاء التزاماتك المالية حتى وخاصة في المراحل الأولى.
7- عدم وجود مزايا وظيفية أو ضمان اجتماعي
هناك العديد من المزايا الوظيفية مثل الراتب التقاعدي، التأمينات، الإجازة المرضية، وغير ذلك، وهي من المغريات الأساسية لأي موظف تقليدي. وبالطبع فإن المستقل لا يتمتع بأي من تلك المزايا. بل هناك ما هو أسوأ من ذلك، فهنا توقفك عن العمل يعني توقف الدخل، فليس هناك إجازات مثلًا أو غير ذلك.
الأمر الذي يدفعنا للتفكير دائمًا بمرحلة ما بعد العمل الحر، أي أن نجعل العمل الحر هو مرحلة لابد من الانتقال بعدها إلى مرحلة أخرى، وهو ما سأتحدث عنه بالتفصيل في مقال لاحق.
8- مسؤولية العمل كبيرة
في حال قمت بالعمل كموظف ضمن شركة أو مؤسسة ما فإنه سيتم تكليفك بمهام معينة مقابل راتبك، وستكون مهماتك هي جزء من مهمات أكبر يتم تقسيمها على كافة أعضاء الفريق. أما في العمل الحر فأنت مضطر للعمل وحدك، وبالتالي ستكون مسؤولية العمل كبيرة للغاية وتقع كلها على عاتقك.
9- صعوبة إدارة الوقت
تعتبر صعوبة إدارة الوقت من أهم مساوئ العمل الحر .. في العمل الحر ستنشغل بكثرة المسؤوليات، وأحيانًا لن تجرؤ على رفض أي عميل لذلك فإنك ستعاني من ضغط في العمل وعدم القدرة على تنظيم وقتك. قد تعاني من مشكلة في تنظيم مواعيد تسليم عملاءك بالإضافة إلى مشكلة في تنظيم أوقاتك الشخصية حتى.
10- بعض الأعمال بحاجة لإلهام
قد تعاني من مشكلة في بعض الاختصاصات أو حتى معظمها، وهي أن الأعمال لا يمكن تنفيذها فورًا حيث تحتاج إلى الكثير من الإلهام أولًا. الأمر الذي يمنعك من تقدير الوقت اللازم للعمل وأحيانًا يمنعك من تقدير كلفة العمل وسعر الخدمة.
11- صعوبة صقل المهارات والحصول على الخبرة
إن كنت غير خبير أو مختص ستعاني في الفترة الأولى حتى تستطيع صقل مهاراتك ومنافسة بقية المستقلين. إن صقل المهارات يعني قيامك بالمزيد من الأعمال التي تتطلب جهد أكبر، وبالتالي يجب أن تبحث وتتعلم المزيد من الأمور حول اختصاصك خلالها. تكمن الصعوبة في عدم القدرة على الصبر، وعدم توفر الأعمال أو الخدمات التي تعتبر ذات مستوى مناسب للتعلم منها.
12- عدم تطوير المهارات يعني التراجع في الأداء
إن العالم كله في تغير دائم ومستمر، وحتى العمل الحر يخضع للقانون نفسه. مهاراتك التي تمتلكها اليوم ستتعرض للتقادم خلال الفترة القادمة فهناك دائمًا طرق وأساليب جديدة يمكن أن يتم بها تنفيذ العمل بطريقة مميزة. إن أردت أن تحافظ دائمًا على مستواك المميز نفسه فيجب أن تتابع كل جديد وتقوم بتطوير مهاراتك لبعض ساعات كل شهر على الأقل. فإن لم تقم بتطوير مهاراتك يعني أن أداءك سيتراجع ليفسح المجال للمستقلين من ذوي المهارات المميزة أكثر.
13- وهم المرونة المطلقة
ينادي الكثير بأن المرونة هي ميزة أساسية للعمل الحر، لكنهم يقعون في فخ المرونة المطلقة ولا يدركون أنها فعلياً إحدى مساوئ العمل الحر حيث يعتقدون بأنهم فعلًا أحرار بأنفسهم. في الحقيقة، يقول الواقع بعكس ذلك، فالمستقل وخاصة المستقل المبتدئ لا يستطيع غالبًا أن يرفض العملاء وبالتالي فإنه سيصبح مقيّد بمواعيد تسليم تكاد لا تنتهي.
14- التواجد الدائم على الإنترنت
إحدى مساوئ العمل الحر أو إحدى أوجه التقييد التي يمكن أن يعاني منها المستقل أيضًا هي ضرورة تواجده الدائم على الإنترنت. في البداية قد تضطر لتكون أونلاين طوال الوقت كي لا تفوت أي زبون وتتابع زبائنك وعملائك دائمًا.
15- عدم وجود وقت للراحة وتداخل الأوقات الشخصية مع أوقات العمل
من مساوئ العمل الحر أيضاً هو عدم وجود وقت للراحة.
إن المستقل الذي يعمل من المنزل سيعاني من تداخل الأوقات الشخصية مع أوقات عمله، لن يكون هناك وقت واضح للراحة أو العمل. قد يتسبب ذلك بالملل والإرهاق، حيث يشعر المستقل بأنه يعمل طوال الوقت.
16- عدم وجود علاقات اجتماعية
إن العمل الحر يعني أن يصبح الشخص منعزلًا في أغلب الأحيان، فلم يعد موظفًا في شركة يقابل كل يوم مجموعة من زملاء العمل. وحتى عمله المتواصل سيجعله يفقد تواصله مع أصدقائه حتى. من الممكن أن يتحول لشخص انطوائي، وبالطبع فإن فقدان العلاقات الاجتماعية ليس أمرًا صحيًا أبدًا.